|
تحولت الساحة السياسية المصرية قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي كان الرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسي، قد أكد أكثر من مرة أنها ستكون قبل نهاية العام الحالي، إلى ما يشبه سوق انتقالات لاعبي الكرة بين الأندية الرياضية، بعد سيطرة عدد من رجال الأعمال على الأحزاب السياسية واستفحال ظاهرة المال السياسي، أمام عجز النظام الحالي على مواجهتها إلا من خلال منع إجراء الانتخابات، حتى اليوم، باستخدام القضاء.
وفي ظل المنافسة المحتدمة، بات نواب الحزب الوطني المنحل "الفلول" هم الطرف الأغلى سعراً، والذي يتنافس عليهم رجال الأعمال لضمهم إلى أحزابهم وخوضهم الانتخابات المقبلة باسم الأحزاب التي ينتمون إليها. وعند إجراء الانتخابات سيتم التنافس على 448 مقعداً فردياً في ظل عدم اهتمام الأحزاب بشكل كبير بالمقاعد المخصصة للقوائم والمقدرة بـ120 مقعداً، بحسب صحيفة "العربي الجديد".
يتصدّر رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار، سباق المنافسة على شراء نواب الحزب الوطني المنحل وكبار العائلات ومشايخ القبائل في الوجهين البحري والقبلي.
وتكشف مصادر داخل الحزب، الذي تأسس عقب ثورة 25 يناير، أن ساويرس أعطى توجيهات لأمانات الحزب في المحافظات بإعداد تقارير بأبرز الأسماء التي تمثل ثقلاً في دوائرها الانتخابية لمحاولة إقناعها بالانضمام إلى الحزب بأي ثمن. وتشير المصادر نفسها إلى أنّ الحزب عرض على بعض تلك الأسماء شيكات على بياض للانضمام إليه، فضلاً عن التعهد بفتح القنوات التابعة لساويرس أمامهم، وكذلك تحمل نفقات الحملة الانتخابية كافة، من دعاية ومصروفات غير مباشرة في الدوائر.
في مقابل ساويرس، يأتي رجل الأعمال أكمل قرطام، عضو لجنة السياسات السابق في الحزب الوطني المنحل، في المرتبة الثانية من حيث المغريات التي يقدمها لنواب الحزب المنحل والشخصيات التي تمثل ثقلاً في دوائرها الانتخابية لضمها إلى حزب المحافظين، الذي أسسه بعد ثورة 25 يناير، على أن تخوض هذه الشخصيات الانتخابات باسم الحزب.
يقول نائب سابق في الحزب المنحل في جنوب الجيزة، إنه تلقى اتصالاً من أحد مساعدي قرطام عرض عليه تحمل نفقات الدعاية الانتخابية له في حال موافقته خوضَ الانتخابات مع الحزب بحد أقصى 400 ألف جنيه (قرابة 51 ألف دولار).
يذكر، أنّ قرطام سعى، خلال الفترة الماضية، إلى السيطرة على عدد من وسائل الإعلام، من خلال سعيه إلى شراء مجموعة من الصحف الورقية ومحاولة إطلاق إصدارات جديدة. وقام بشراء صحيفة التحرير. كما حاول شراء صحيفة الشروق قبل أن تفشل الصفقة التي عرض خلالها 20 مليون جنيه لشراء الصحيفة، فضلاً عن إطلاقه عدداً من الإصدارات الفرعية، مثل صحيفة "الأهم" وموقع "ويكليكس البرلمان" استعداداً لموسم الانتخابات.
من جهته، يسابق أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني المنحل، أحمد عز، المعروف باسم "رجل الحديد"، الوقت للاتفاق مع عدد من أبرز الأسماء في الدوائر، والذين كانت تربطهم به علاقة قوية، حتى يمثلوا ظهيراً سياسياً له في البرلمان المقبل، يؤمن من خلالهم مصالحه الاقتصادية، ويمثل من خلالهم قوة ضغط سياسية على النظام السياسي. ويستفيد عز من علاقاته القوية، نظراً لكونه المتحكم رقم واحد في انتخابات البرلمان في مصر، خلال السنوات العشر الأخيرة، في حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ويعرض عز على الأسماء المستهدفة منحها مبالغ مالية كبيرة وتحمل نفقاتها في الدوائر حتى بعد الفوز في الانتخابات لضمان بقاء قوتها. وتشير مصادر قريبة من رجل الأعمال إلى توصله للاتفاق مع 50 من نواب الحزب المنحل حتى الآن.
في غضون ذلك، يواصل رئيس حزب الوفد، السيد البدوي، الذي يعد أحد رجال الأعمال المصريين، جهوده بعيداً عن مؤسسات حزبه الليبرالي، لمحاولة الاتفاق مع عدد من نواب الوطني السابقين ليدعم بهم قوائم حزبه الانتخابية، بما يضمن له الفوز بعدد لا بأس به من المقاعد في البرلمان المقبل الذي يتصارع عليه رجال الأعمال. ويغري البدوي النواب المرشحين بالأموال تارة، وبتسليط الضوء الإعلامي عليهم من خلال شبكة قنوات الحياة التي يمتلكها تارة أخرى.
أما حزب الحركة الوطنية الذي يتزعمه المرشح الرئاسي الخاسر في انتخابات عام 2012، أحمد شفيق، يعتبر الأوفر حظاً في السباق نحو نواب حزب الوطني المنحل وكبار عائلات الصعيد، ولا سيما أنّ معظمهم يعدون من مؤسسي حزبه، إضافة إلى علاقاته القوية بهم. ويعدهم شفيق بدعم مالي مفتوح في الانتخابات، حيث ينتشر في الأوساط السياسية حصول شفيق على دعم مالي إمارتي ضخم خلال الانتخابات المقبلة.
في موازاة ذلك، يتخذ عدد من رجال الأعمال الكبار في السوق المصرية من حزب "مستقبل وطن" الذي يترأسه الشاب، محمد بدران، أحد مسؤولي الحملة الرئاسية للسيسي، واجهة لمحاولة السيطرة على البرلمان المقبل، لتقديمه قرباناً للسيسي في ظل خوف النظام الحالي من قوة البرلمان لما يملكه من صلاحيات كبيرة في مواجهة رئيس الدولة.
وفي السياق يبرز رجل الأعمال المصري، أحمد أبو هشيمة، الذي يمتلك شركة حديد المصريين، ويصفه المراقبون بأنه يسير على خطى أحمد عز في السيطرة على الحياة السياسية، من خلال إنفاقه على عدد من الأنشطة الاجتماعية والتي من بينها تطوير العديد من القرى الفقيرة في صعيد مصر.
وبحسب نواب سابقين في الحزب الوطني المنحل، يعرض الحزب المدعوم من أبو هشيمة، مبالغ مالية تصل نحو 500 ألف جنيه (64 ألف دولار)، إضافة إلى وعود بالتغطية الإعلامية في عدد من وسائل الإعلام المملوكة لرجال الأعمال الذين يقفون خلف الحزب، ومن بينها صحيفة اليوم السابع المملوكة لأبو هشيمة.
ويمنح الدستور الجديد، الذي وضعته لجنة الخمسين، عقب انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، صلاحيات كبيرة مقارنة بصلاحيات رئيس الجمهورية. ويعطي الدستور للبرلمان الحق في الاطاحة برئيس الجمهورية من خلال طلب مقدم من ثلثي النواب بعزل الرئيس. كما يفرض الدستور على البرلمان المقبل ضرورة التصديق بالموافقة أو الرفض على القوانين كافة التي صدرت في غيابه، وفي مقدمتها قانون الانتخابات الرئاسية والذي أجريت على أساسه الانتخابات التي جاء بها السيسي لموقع الرئيس.
ويخشى السيسي من تكتل عدد من رجال الأعمال والمنافسين السياسيين ضده من خلال البرلمان وممارسة ضغوط سياسية عليه. وهو ما يدفعه إلى المماطلة في إجراء الانتخابات وتشكيل البرلمان الجديد.
|
|
|
2015-08-04 06:49