Tweet

لابد وأنك رأيت إعلانات الشاي الأخضر في قنوات تليفزيونية متعددة ، وعلي عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، وعلي شبكة الانترنت بشكل عام ، بل لابد وأنك رأيت بعض العبوات التجارية بماركات معروفة معروضة في محلات السوبرماركت أو حتي دكاكين العطارة ، ولا بد وأن واحدا في أسرتك أو في دائرة أصدقائك تكلم عن الموضوع في سياق الحديث عن الريجيم والطرق المثلى لانقاص الوزن ، ويظل السؤال المطروح : ما هي حقيقة هذا الشاي وهل كل ما قيل عنه من فوائد مثل شحنك بالطاقة وانقاص الوزن وتحسين المزاج ، هل هي أشياء حقيقية أم أنها مبالغات تجارية تهدف إلى الربح عند الباحثين عن الجرعة السحرية التي تصنع كل شئ بأقل مجهود ؟

يجب إذن أن نتحدث عن الجانب العلمي الخاص بهذا النبات المشهورأولا وذلك من التعرف عليه من حيث المكونات وتأثيراتها الموثقة في تجارب علمية يمكن التعويل عليها.
فالشاي الأخضر هو أوراق نبات الشاي الطازجة التي كان يتم جمعها في البلاد التي تزرعه، مثل الصين والهند وسيلان، وهو الشاي الذي يشربه أهل هذه البلاد في الأصل، وعندما استعمر الإنجليز هذه المناطق وعرفوا الشاي، شحنوه بانتظام إلى بلادهم في سفن تبحر لفترات طويلة في جو حار قائظ ورطوبة شديدة فكانت أوراق الشاي الخضراء تتأكسد وتتحول إلى اللون الأسود نتيجة الحرارة والرطوبة التي يتعرض لها ، والفارق بين هذا الشاي والشاي ألأحمر هو أن الأوراق في الشاي الأحمر تتعرض للأكسدة بشكل كامل ، في حين أن الشاي الاخضر يتأكسد بشكل أقل ويتعرض لبعض التبخير الخفيف قبل أن يترك لكي يجف . و الجدير بالذكر أن الاسم العلمي لهذا الشاي هو ” كاميليا سنينسيس”.
تاريخيا ، عرف الشاي الأخضر في الصين أولا ثم انتقل الي اليابان وكان بعض الرهبان البوذيين يعتبرونه دواءا سحريا ، ففي كتاب ” الحفاظ علي الصحة بشرب الشاي ” كتب الراهب البوذي ايساي :” الشاي هو دواء اعجازي يحافظ على الصحة. وله قوة غير عادية في اطالة العمر، حيث يلاحظ أنه في كل مكان يزرع الشاي يكون الناس طويلي الأعمار. وفي العصور القديمة والحديثة يكون الشاي هو الاكسير الذي يجعل سكان الجبال يعمرون طويلا “.
جاءت الدراسات العلمية الحديثة لتمتحن بعض هذه التأثيرات في شكل اختبارات اكلينيكة ، وبعض هذه الدراسات أثبتت الآتي:

يمكنه خفض مستوى الكولسترول في الدم لأن تأثيراته المضادة للأكسدة تمنع تأكسد الكولسترول الضار في الشرايين ، وقد يساعد الشاي الأخضر في تخفيض ضغط الدم، كما أنه يساعد في تقليل فرص الإصابة بالأورام السرطانية ، وقد يعمل على خفض ضغط الدم المرتفع وذلك لأنه يؤدي لاسترخاء العضلات الملساء المتحكمة في درجة قبض الشرايين، ويمكنه أن يحافظ على سيولة الدم بما قد يساعد علي مقاومة التجلط ، ويمكن أن يساعد في التخلص من الوزن الزائد، ويمكنه دعم كفاءة الجهاز المناعي ، كما انه يحتوي على نسبة جيدة من معدن الفلورين المعروف بمفعوله المقاوم لتسوس الأسنان، فيساعد في قتل الميكروبات الضارة بالفم ، بل زعمت بعض الدراسات أن الشاي الأخضر يمكن أن يساعد في ابعاد شبح الاصابة بمرض الزهايمر والشلل الرعاشي ، كما يمكنه مقاومة الاكتئاب لانه يحوي الثيانين وهو حمض أميني موجود بشكل طبيعي في اوراق الشاي الاخضر فيساعد على الاسترخاء والتهدئه، ويمكنه حسب بعض الدراسات أن يقي البشرة من بعض المشاكل كالتشقق والظهور المبكر لاعراض الشيخوخة لما يحتويه من مضادات اكسدة طبيعية بنسب معقولة.
السؤال الذي يبتع ذلك فورا : ولماذا إذن لا نرى هذه الأثار علي شاربي الشاي الأخضر رغم أن كثيرا من الدراسات أثبتت هذه الفوائد ورغم أن الشاي الأخضر تاريخيا معروف عنه بعض هذه الفوائد بشكل تجريبي؟

والأجابة بسيطة وتتلخص في الآتي :

- كثيرون ممن يتناولون هذا الشاي يمارسون معه عادات غذائية وصحية سيئة فهم في الحقيقة يلغون أثر هذا الشاي بشكل أو بآخر.
- كثير من تأثيرات هذا النبات لا تظهر بشكل فوري بل هي مسألة تراكمية تحتاج إلى وقت كبير من تناول مستمر له وفي ظروف محيطة من نظام غذائي متزن ونمط رياضي معقول.
- أن تأثير هذا النبات يكون في قوته حينما لا يكون مغلياً، فإن غلي هذا النبات يفقده شيئا من فعاليته.
- أن هذا الشاي يدعم ويساند ويقوي كعنصر مساعد مع عناصر غذائية أخرى كثيرة فلا يمكن مثلا أن تتناول البيتزا والهامبورجر يوميا وتشرب كوبين من الشاي وتتوقع أن ينقص وزنك؟
- أن كثيرا ممن يشربون هذا الشاي لا يشربونه بشكل كافي يوميا فربما كوب كل يوم لا يكفي لتحصل على تأثير هذا النبات علي المدي القصير أو البعيد.
كما نرى ، فالمشكلة في التوقعات التي ينتظرها الناس من هذا المنتج وهي التوقعات التي رسمتها ماكينة الدعاية الإعلامية لهذا النبات من أجل التسويق وربح المال، فرسمت له صورة أعجازية توحى للناس بأنه الشاي السحري الذي يشفي الناس من كل شئ وفي وقت قياسي، حتي أصبح الشاي الأخضر خارقا، كمادة فعالة يتناولها الإنسان ليتحول إلى …الرجل الأخضر …البطل الخارق المعروف.